لكل من الزوجين : حق الترويح .
الشريعة تحض على الترويح :
عن جابر بن عبد الله الله قال : هلك أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات ، فتزوجت امرأة ثيباً ، فقال لي رسول الله ﷺ : تزوجت يا جابر ؟ فقلت : نعم ، فقال : أبكرا لم ثيباً ؟ قلت : بل ثيباً ، قال : فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك ، وتضاحكها وتضاحكك ؟ قال : فقلت له : إن عبد الله هلك وترك بنات ، وإني كرهت أن أجيتهن بمثلهن فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن . فقال : بارك الله لك . الرواه البخاري] (۳۰۹) .
نماذج من الترويح عن الزوجة :
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كنت ألعب بالبنات (۲) عند النبي ﷺ ) وذلك أيام زواجها الأولى ) قالت: وكان لي صواحب يلعبن معي ، فكان رسول الله ﷺ إذا دخل يتقمعن (٢٠) منه فيُسربهن (١٦) إلى فيلعبن معي . [ رواه البخاري ومسلم ] (٣٠٩).
عن عائشة قالت... وكان يوم عيد يلعب في السودان بالشرق (۱۳۷) والحراب ، فإما سألت النبي ﷺ وإما قال : تشتهين تنظرين ؟ قلت : نعم . فقامني وراءه خدي على خده وهو يقول : دونكم (۱۳۸) يا بني أرفدة (۲۷۹) حتى إذا مللت قال : حسبك ؟ قلت : نعم . قال : فاذهبي . [ رواه البخاري ومسلم ] (۳۱۰).
عن عائشة : أن النبي ﷺ كان إذا أراد سفراً ، لفرع بين نسائه ، فطارت القرعة لعائشة وحفصة وكان النبي ﷺ إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث. فقالت حفصة : ألا تركبين الليلة بعيرى وأركب بعيرك تنظرين وأنظر ؟ فقالت : بلى .. (رواه البخاري ومسلم) (۱۱) .. كان عائشة أجابت إلى ذلك لما شوفتها إليه من النظر إلى ما لم تكن هي تنظر ، وهذا مشعر بأنهما لم يكونا حال السير متقاربتين ، بل كانت كل واحدة منهما من جهة كما جرت العادة من السير قطارين (۳۱۲). قال الحافظ ابن حجر :
عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت مع رسول الله ﷺ في سفر وهي جارية ( قالت : لم أحمل اللحم ولم أبدن (١٨٠)) فقال لأصحابه : تقدموا . ثم قال : تعالى أسابقك ، فسابقته فسبقته على رجلي . فلما كان بعد ، خرجت معه في سفر فقال لأصحابه . تقدموا . ثم قال : تعالى أسابقك . ونسيت الذي كان ، وقد حملت اللحم فقلت: كيف أسابقك يا رسول الله وأنا على هذه الحال ؟ ! فقال : تفعلين . فسابقته فسبقني جعل يضحك وقال : هذه بتلك السبقة . [ رواه أحمد ] (۳۱۳).
عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله ﷺ ، وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث (۱۸۱) . ( وفي رواية : وليستا بمغنيتين (٣١٤) . وفي أخرى : تدففان (۲۸) وتضربان ) (٣١٥) . فاضطجع على الفراش وحول وجهه . وجاء أبو بكر فانهرني وقال : مزمارة الشيطان عند النبي ﷺ ! فأقبل عليه رسول الله ﷺ فقال : دعهما . فلما غفل غمزتهما
فخرجتا . [ رواه البخاري ومسلم ] (٣١٦).
قال الحافظ ابن حجر : " وفي هذا الحديث من الفوائد مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد، بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة .. وفيه أن إظهار السرورة في الأعياد من شعار الدين ... واستدل به على جواز سماع صوت الجارية بالغناء ولو لم تكن مملوكة ، لأنه لم ينكر على أبي بكر سماعه بل أنكر إنكاره ، واستمرتا إلى أن أشارت إليهما عائشة بالخروج . ولا يخفى أن محل الجواز ما إذا أمنت الفتنة بذلك والله أعلم ... ( قولها : وليستا بمغنيتين ( نفت عنهما من طريق المعنى ما أثبته لهما الحديث باللفظ ، لأن الغناء يطلق على رفع الصوت وعلى الترنم وعلى الحداء (۲۸۳) ، بمغنيتين " أي ليستا ممن يعرف الغناء كما يعرفه المغنيات المعروفات بذلك . وهذا منه تحرز عن الغناء المعتاد عند المشتهرين به ، وهو الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن ، وهذا النوع إذا كان في شعر فيه وصف محاسن النساء والخمر ، وغيرهما من الأمور المحرمة ، لا يختلف في تحريمه (۳۱۷).
نموذج من الترويح عن الزوج :
عن عائشة أنها قالت ( لرسول الله ﷺ ) : جلس إحدى عشرة امرأة ، فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً . قالت الأولى : زوجي لحم جمل غث (٢٨٤) على رأس جبل ، لا سهل فيرتقي ، ولا سمين فينتقل (۲۸۰) . قالت الثانية : زوجي لا أبث (٢٨٦) خبره ، إني أخاف أن لا أذره (۲۸۷) ، إن أذكره أذكر عُجَرَهُ وبُجَرَه (۲۸۸)...
قالت الحادية عشرة : زوجي ، زوجي أبو زرع ، فما أبو زرع ؟ أناس من حلي أذني (١٠٠) ، وملأ من شحم عضدي (۲۹۰) قالت : خرج أبو زرع والأوطان تمخض (٢١) ، فلقى امرأة معها ولدان لها كالفهدين ، يلعبان من تحت خصرها برمانتين (۲۹)، فطلقني ونكحها.
فنکمت بعده رجلاً سرياً (١٢) ، ركب شريا (٢١).. وأعطاني من كل رائحة زوجاً (١٠٠) وقال : كلي أم زرع وميري أهلك (٢٩). قالت : فلو جمعت كل شيء أعطانيه ، ما بلغ أصغر أنية أبي زرع . قالت عائشة : قال رسول الله ﷺ : كنت لك كأبي زرع لأم زرع .
رواه البخاري ومسلم ] (۳۱۸) .
قال الحافظ ابن حجر : ( قوله : كأبي زرع لأم زرع ( زاد في رواية الهيثم ابن عدي : في الألفة والوفاء لا في الفرقة والجلاء . وزاد الزبير في آخره : " إلا أنه طلقها وإني لا أطلقك " ومثله في رواية للطبراني وزاد النسائي في رواية له والطبراني : " قالت عائشة : يا رسول الله ، بل أنت خير من أبي زرع " وفي أول رواية الزبير : " بأبي وأسي ، لأنت خير لي من أبي زرع لأم زرع .
وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم ، حسن عشرة المرء أهله بالتأنيس ، والمحادثة بالأمور المباحة ما لم يفض ذلك إلى ما يمنع . و فيه المزح أحياناً وبسط النفس به ، ومداعبة الرجل أهله ، وإعلامها بمحبته لها ما لم يؤد ذلك إلى مفسدة ... و فيه ( من الفوائد أيضاً ( الحديث عن الأمم الخالية وضرب الأمثال بهم اعتباراً . وجواز الانبساط بذكر طرف الأخبار ومستطابات النوادر تنشيطاً للنفوس " .